كنت أحسب أن الغبار هو عبارة عن أوساخ صغيرة. ولكن التعريف الرسمي للغبار هو المواد الصلبة التي يعادل حجمها حوالى عشرين في المائة أو أقل من قطر النقطة في آخر هذه الجملة. وبسبب أن مقدار جهلي يزيد يوميا بوتيرة مخجلة، فقد تفاجأت بالتالي: أولا أن الغبار ليس فقط على كوكبنا، فهناك كميات مذهلة تصلنا من الفضاء الخارجي في كل لحظة. وتحديدا، تحط آلاف الكيلوجرامات من الغبار الذي يتكون في النجوم والكواكب المحترقة التي تهبط على كوكبنا يوميا. بعضها من عنصر السيليكون، والآخر من الحديد، والذهب، والبلاتين، وهناك أيضا اليورانيوم المشع، بل وحتى الألماس... كل هذا ينزل علينا بإرادة الله يوميا. ومن العجائب أن موضوع الغبار له أهمية عظيمة في دراسات الفلك، ولذا فستجد تخصصات علمية في مجالات كيمياء وفيزياء الغبار. وستجد أيضا أن وكالات الفضاء ومنها «ناسا» لديها أقسام متخصصة في هذا المجال العجيب. ومكونات الغبار الفضائي هي عبارة عن كنوز لتلك الأقسام بفرقها العلمية المتخصصة المختلفة، فكل عنصر أو مركب يحكي حكايات، ويروي «حواديت» عن مصدر الغبار ورحلته إلى سطح كوكبنا. ولكن الغبار لا يقتصر على ما يصلنا من الفضاء فحسب، فهناك ما تبثه البحار المختلفة في الهواء بكميات مذهلة تفوق المليون طن من غبار الملح يوميا. كل موجة تحمل فقاقيع ملح يتحول بعضها إلى غبار، ونجد كميات أكبر مما تصدره الأمواج من الغبار الذي يصدر من الصحارى المختلفة حول العالم. وهناك أيضا الغبار الذي تصدره الأشجار يوميا بمئات الأطنان. ولا ننسى طبعا كميات «الهباب» التي ينتجها البشر من خلال حرق الوقود الأحفوري... كربون، وكبريت، ومركبات النيتروجين وغيرها... وهناك المزيد، فتوجد بعض المصادر المقلقة للغبار «العضوي» ومنها بقايا الحشرات، وخلايا جلود البلايين من المخلوقات التي تتطاير يوميا من الكبار والصغار. ولكن لا ننسى أيضا أن الغبار من المسببات الرئيسة لتكوين السحب، فهو من مصادر تلطيف الأجواء وحماية مجالنا الجوي من الحرارة الشديدة.
نتنفس حوالى سبعة عشر ألف مرة يوميا، ونستنشق من خلال تلك النعمة ما يعادل تقريبا محتوى 26 ألف علبة فيمتو من الهواء وقد ندخل في رئتنا أكثر من أربعين مليار غبرة بأشكال وألوان مختلفة. وللعلم فإجمالي مساحة أسطح رئتينا تقدر بما يعادل حوالى نصف مساحة محطة بنزين صغيرة. وبلطف الله تستمر الحياة. ومن أغرب من يعرض له البشر أنفسهم هو التنباك ففي كل نفس تدخل كميات رهيبة من غبار مواد فتاكة سواء نشرت على أسطح داخل الفم فقط كما هو الحال في المعسلات، أو أعمق من ذلك كما هو الحال في السجائر.
أمنيـــــة
أتمنى أن نتذكر نعم الله علينا في التعامل مع الغبار الذي نتعرض له يوميا... وما أكثره. ولا ننسى مخاطر العقول المغبرة التي تعيش في فترات أكل عليها الزمن وشرب ولا تمت لواقعنا إلا بالقليل. الحمد لله على ألطافه التي لا تعد ولا تحصى،
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي
نتنفس حوالى سبعة عشر ألف مرة يوميا، ونستنشق من خلال تلك النعمة ما يعادل تقريبا محتوى 26 ألف علبة فيمتو من الهواء وقد ندخل في رئتنا أكثر من أربعين مليار غبرة بأشكال وألوان مختلفة. وللعلم فإجمالي مساحة أسطح رئتينا تقدر بما يعادل حوالى نصف مساحة محطة بنزين صغيرة. وبلطف الله تستمر الحياة. ومن أغرب من يعرض له البشر أنفسهم هو التنباك ففي كل نفس تدخل كميات رهيبة من غبار مواد فتاكة سواء نشرت على أسطح داخل الفم فقط كما هو الحال في المعسلات، أو أعمق من ذلك كما هو الحال في السجائر.
أمنيـــــة
أتمنى أن نتذكر نعم الله علينا في التعامل مع الغبار الذي نتعرض له يوميا... وما أكثره. ولا ننسى مخاطر العقول المغبرة التي تعيش في فترات أكل عليها الزمن وشرب ولا تمت لواقعنا إلا بالقليل. الحمد لله على ألطافه التي لا تعد ولا تحصى،
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي